"مصر ليست هى الدولة الوحيدة التى تعمل بنظام التوقيت الصيفى، فهناك عدد من الدول الأخرى التى تعمل بهذا النظام خاصة الدول القريبة من مدارى الجدى والسرطان لتقليل الفارق بين ساعات الليل والنهار"..جملة نسمعها باستمرار كلما اعترض البعض على تطبيق هذه الفكرة في مصر وتصاعدت الاسئلة عن جدواها.
ويعد الأمريكى بنجامين فرانكلين أول من طرح فكرة التوقيت الصيفى عام 1784، ولكن الفكرة لم تطبق سوى فى القرن العشرين وطُُبقت لأول مرة عام 1941 أثناء الحرب العالمية الثانية وطبقته ألمانيا وتبعتها بريطانيا ثم ألغى وأعيد العمل به عام 1957 ،
وما بين الإلغاء والتطبيق تسقط ساعة التوقيت الصيفى فى دائرة الحيرة.
وقد تقدم أحد نواب الحزب الوطنى مصطفى الهوارى باقتراح مشروع قانون بإلغاء التوقيت الصيفى الذى بدأ بالفعل وقال النائب: إن تغيير التوقيت يحدث حالة من الارتباك فى حياة المواطنين، كما أن تطبيق هذا النظام لا فائدة منه من حيث توفير الطاقة، ولذلك عدلت غالبية الدول التى طبقته عن تطبيقه.
كما اعترض جمال حنفى عضو مجلس الشعب (مستقل) على أن هذا التوقيت ليس له جدوى اقتصادية ولم تثبت أى دراسة ذلك وطالب الحكومة بالكشف عن الدراسة التى استندت إليها لتقول إن هناك جدوى اقتصادية من التوقيت الصيفى.
ويقول عصام سالم - فيزيائى ورئيس قسم دراسات وبحوث رابطة العلوم - إن الملفت للنظر أن استهلاك الطاقة الكهربائية فى مصر قد يكون متساويا بين الصيف والشتاء، ففى كلا الفصلين نستخدم نفس نمط الوحدات من خلال السخانات الكهربية أو المدافئ فى الشتاء، ومكيفات الهواء فى الصيف والثلاجات ولكل فصل مشاكله مع الطاقة الكهربائية.
وأضاف بأنه ليس هناك بيان واحد يحدد كم الطاقة التى تم توفيرها نتيجة اللجوء إلى التوقيت الصيفى لمدة خمسة أشهر كل عام.. بل إنه وفقا لتصريحات بعض المسئولين فى قطاع الكهرباء فإن التوقيت الصيفى لم يعد يحقق أى توفير للكهرباء بسبب زيادة استهلاكها وارتفاع درجة الحرارة والتوسع فى استخدام أجهزة التكييف والمبردات.
وأكد أن شهر رمضان سوف يحل لمدة أحد عشر عاما قادمة خلال فترة التوقيت الصيفى مما يعنى إلغاء التوقيت الصيفى جزئيا ثم يعاد تطبيقه وهو ما يعنى ارتباكا لا مبرر له لشركات الطيران العالمية.
وأشار إلى أن الكثير من الدراسات أظهرت أن التوقيت الصيفى المعتمد فى كثير من دول العالم يؤدى إلى استهلاك المزيد من الطاقة، ولا يثمر عن الهدف الأصلى من ورائه ألا وهو حصر ساعات العمل فى نهار الصيف بقدر الإمكان بهدف توفير الطاقة.
وكشف سالم أن هناك دراسة حديثة فى ألمانيا أوضحت أن التوقيت الصيفى يمثل عبئا كبيرا على المنظومة البيولوجية للإنسان أكثر مما كان معروفا حتى الآن، حيث لا تتغير الساعة البيولوجية مع تغير التوقيت الصيفى مما يتسبب فى إرهاق الذين يعانون من مشاكل فى النوم.
وخلص سالم الى أن أكبر المتضررين من التوقيت الصيفى هم الفئات التى تعمل صباحا.
الدكتور عادل المهدى أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان عارض التوقيت الصيفى بشدة ويطالب بإلغائه موضحا أنه ليس كل ما كان صالحا للتطبيق فى الماضى وفى ظروف اقتصادية معينة يصلح بالضرورة الآن برغم اختلاف الظروف الاقتصادية، فمن المفترض أن الأخذ بالتوقيت الصيفى تم إقراره فى فترة زمنية كنا نعانى فيها من نقص فى إنتاج الكهرباء، وكذلك قلة فيضان نهر النيل، وبالتالى قلة إنتاج الكهرباء من السد العالى.
واضاف: أما الآن فإن إنتاج الكهرباء به فائض وتم إدخال الكهرباء إلى معظم القرى فضلا عن اعتمادنا على محطات التوليد وليس السد العالى فقط، وبالتالى فإن تقديم الساعة فى فترة الصيف للاستفادة من ضوء النهار تصبح فاقدة لمعناها وأهدافها.
الدكتور المرسى أحمد المرسى أستاذ الصحة العامة وطب المجتمع وعميد طب بنى سويف أكد أن التوقيت الصيفى ضار بالصحة ومكرر للحياة الطبيعية لأنه يؤدى إلى إحداث خلل فى جهاز التوقيت الداخلى للإنسان (الساعة البيولوجية)، حيث إن هناك تغيرات حيوية تحدث عند بزوغ ضوء الشمس منها إفرازات الغدد وسيطرة المركز المخى المنظم للحرارة، وقد نظمت الطبيعة هذا التغير النمطى للظلام والنور بشكل تدريجى طبقا لاختلاف الأيام.
وأشار إلى أن التوقيت الصيفى ربما يصلح مع البلاد التى تقصر فيها فترة النهار بشكل كبير، أما بالنسبة لمصر فالفارق بين طول فترة النهار بين الصيف والشتاء ليس كبيرا.