<table class="picBorder" align="left" bgcolor="#ffffff" border="0" cellpadding="0" cellspacing="0" height="200" width="306"> <tr> <td align="center" height="200" valign="middle" width="305"> </td></tr></table> | |
|
لو منح المواطن المصري «ربع» اهتمامه بسقوط أبوتريكة والنادي الأهلي أمام
الدراويش لموضوع تعديل الدستور، لأجبر الحكومة علي احترامه وهي تسوق
التعديلات الدستورية إعلامياً علي أنها الدواء الشافي من سرطان
الديكتاتورية وطاعون الفساد وحمي الشمولية وصداع الحزب الواحد.
المواطن المصري يري أن انتفاضة الأهلي بخماسية «المقاولون» وصحوة الزمالك
بثنائية «إنبي» أهم مليون مرة من الدستور وتعديلاته ومواده. لكنني مصر علي
الخروج عن هذا الإجماع الكروي مع أنني إسماعيلاوي ومن حقي التمتع بفرحة لا
تتكرر معنا كثيراً.
ومع ذلك قلت لنفسي: ما الداعي للربط بين الأمرين خاصة أن بتوع الكورة
ليسوا بالضرورة بتوع السياسة؟ وكانت إجابتي علي نفسي هي تذكيرها بما حدث
لي منذ عدة أيام، حيث تعرفت من خلال صديق علي لواء متقاعد، ودار بيننا
حوار جاد في الشأن العام والسياسة والاقتصاد.
أدهشتني ثقافة الرجل الموسوعية، خبلني «تون» صوته العميق الواثق الذي
يتسلسل بمنطق أخاذ إلي القلب والعقل معاً. ولا أعرف لماذا أصر صديقي علي
تحويل الحوار إلي كرة القدم ووشي لسيادة اللواء بأنني أحد أهم مشجعي
النادي الإسماعيلي في بر مصر.
في تلك اللحظة انقلب كل شيء رأساً علي عقب وتحول سيادة اللواء إلي مشجع
أهلاوي درجة ثالثة بصوت عصبي متشنج وكلمات لا منطق لها بدأت باتهام
الإسماعيلاوية «الفقرانين» برشوة الحكم الإماراتي «الثري بالضرورة»،
وانتهت بتوعد ووعيد كل مشجعي الدراويش حين قال: هتشوف هناخد بتارنا إزاي
في ملعبكم في الإسماعيلية.. هتشيلوا ستة إن شاء الله».
ما شي يا سيادة اللواء، نشيل زي ما أنت عاوز، ولكن حتي يأتي موعد المباراة
في الإسماعيلية لماذا لا نتحدث قليلاً عن حاضر ومستقبل مصر؟، خاصة أن
تعديل ٣٤ مادة من الدستور قد يصبح من محصلته النهائية مجرد استبدال صياغات
بأخري، وكلمات بكلمات، وفواصل بنقاط. أقول «قد» لأن الأهم عندي من تعديل -
أو تغيير - الدستور هو تعديل وتغيير طرائقنا في التفكير.. طرائق من يحكمون
- بفتح الياء - وطرائق من يحكمون بضمها.
ما دفعني إلي هذا القول تلك الطريقة العتيقة التي يدير بها الإعلام
الحكومي عملية تسويق وتجميل التعديلات الدستورية وأنه يتعامل مع ناس «هطل»
لا يشاهدون مائة محطة فضائية يومياً، ولا يقرأون عشرات الصحف غير
الحكومية. فهل نبكي أم نضحك علي هؤلاء «الإعلاميين» الذين يصرون علي اتباع
نهج إعلام الاتحاد الاشتراكي علي الرغم من أن التعديلات المقترحة تنادي
بإلغاء كل ما هو اشتراكي من حياتنا!
فكيف يرفع الحزب الوطني شعار «فكر جديد» يغطي به كل ميادين جمهورية مصر
العربية بينما يعتمد في تعديلاته الدستورية علي شيوخ قانونيين نجلهم
ونحترمهم، لكننا لن نخجل من التأكيد علي أنهم لا يصلحون لرسم مستقبلنا؟
كيف نصدق هذا الشعار بينما يعتمد الحزب الوطني علي الإعلام الكاذب المضلل
المغيب الذي يظن - وبعض الظن إثم - أنه يلعب وحده في الساحة وبالتالي سوف
تصل رسالته مباشرة إلي «جموع قوي الشعب العاملة»؟!
يا جماعة الخير.. يا أصحاب التعديلات الدستورية.. يا أصحاب الرسالة
الإعلامية أرجوكم احترمونا حتي نحترمكم، احترموا الواقع الجديد الذي يؤكد
أن المصريين لا يكتفون بمتابعة ما يجري في العالم بل يتفاعلون معه
بإيجابية. أرجوكم تذكروا أننا نمتلك قمرين صناعيين.. أي أننا من صناع - أو
هكذا المفترض - التلاقح المعرفي والحضاري بين المشاهدين في أرجاء الأرض.
اسألوا أنفسكم: كيف يمكن أن يكون الجنيه المصري مرتبطاً بحركة السوق
العالمية بينما المطلوب أن يظل العقل المصري مربوطاً برؤية من يحكمونه فقط
علي اعتبار أنها الصواب ولا صواب سواها؟
يا جماعة السياسات.. الفكر يعني - كما تعلمون - الليبرالية، والليبرالية
تعني - في أحد معانيها - تعدد الخيارات، لكنكم لا تتركون لنا - في الواقع
- سوي خيار واحد.. «ياهو.. يا نطق نموت»!
آخر الكلام:
من مصلحة الوطن ألا تحدد فترة الرئاسة بمدتين، ومن مصلحة الوطن ألا يشرف
القضاة علي الانتخابات، ومن مصلحة الوطن أن تجري الانتخابات البرلمانية في
يوم واحد. ومن مصلحة الوطن الحفاظ علي نسبة «٥٠% عمال وفلاحين».. عن أي
وطن يتحدثون؟!